حتى مارك زوكربيرج يضع شريط لاصق على كاميرا الويب ” هكذا عُنونت صورة مارك زوكربيرج، المؤسس والرئيس التنفيذي لشبكة فيسبوك، التي نشرها عبر حسابه احتفالًا بوصول عدد مُستخدمي انستجرام إلى 500 مليون مُستخدم نشط شهريًا.
الصورة التي كان هدفها الاحتفال فقط تحوّلت إلى حديث تقني كبير بعد تكبيرها وعرض بعض تفاصيلها، حيث ظهر الحاسب الموجود بجانب مارك مع وجود شريط لاصق على الكاميرا والمايكروفون وهو ما فتح باب التكهنات على مصراعيه.
هذه المُمارسة ليست جديدة ولم يبتكرها مارك بكل تأكيد، لكنها رُبطت بشكل أو بآخر بمستوى حماية شبكة فيسبوك على اعتبار أن مؤسسها يقضي جُل وقته يوميًا في تصفّح المُحتوى للتأكد من عملها بالشكل الأمثل.
دعونا نعتبر أن هذه الفرضيات صحيحة، أي أن مُستوى الحماية في فيسبوك مشكوك في أمره. لكن هل ينبع الشك من الشبكة نفسها؟ هل القائمين عليها لا يُمكنهم فرض مُستوى حماية عالي؟ أم أن هُناك عوامل أُخرى تؤثر على هذا الأمر؟
الإجابة المنطقية لهذه الأسئلة تأتي على شقّين، الأول هو أنه لا يوجد تطبيق على الويب آمن بنسبة ١٠٠٪، فالثغرات دائمًا لها مكان في هذا النوع من التطبيقات. أما الشقّ الآخر فيتوفّر بسبب عوامل ثانية بكل تأكيد.
اعتمدت شبكة فيسبوك لفترة ليست بالقصيرة على تقنية فلاش Flash من أجل إتمام بعض الوظائف بداخلها مثل تحديث صفحة المُشاركات Timeline بشكل آلي عندما ينشر أي مُستخدم مُشاركة جديدة، كما استُخدمت أيضًا لتحديث المُشاركات في نفس الوقت عندما تزداد حالات الإعجاب عليها أو عندما يُطرح تعليق جديد على أحدها.
استخدام تقنية فلاش الموبوءة بحد ذاته باب لجميع الثغرات الأمنية، وهُنا يُمكن تفسير قلق مارك وتغطيته لبعض المداخل بشريط لاصق درءًا للمشاكل وتجنّبًا لأي اختراق قد ينجح في الوصول إلى حاسبه بشكل أو بآخر.
في هذه الأيام انتقلت فيسبوك لاستخدام بعض تقنيات جافا سكريبت لتحديث صفحة المُشاركات والمُشاركات نفسها، وبالتالي ارتفعت نسبة الحماية بشكل أكبر، حتى أن مُشغّل مقاطع الفيديو هو الآخر انتقل للاعتماد على HTML 5، وبالتالي انخفضت احتمالية حصول اختراقات أمنية أثناء تصفّح الشبكة الاجتماعية.
لكن ومن وجهة نظري لا تتوقف هذه المُمارسة على شبكة فيسبوك ومُستوى حمايتها فقط، فالحاسب بوضعه الطبيعي مليء بالبرامج التي قد تحوي على ثغرة أمنية تُهدد خصوصية مارك وفريق عمله، دون نسيان صفحات الويب الملئية بالإعلانات، خصوصًا أن مواقع كبيرة مثل أخبار ياهو تعرّضت لهذا النوع من الهجمات التي أدت إلى التجسس على مُستخدميها من خلال استهداف الإعلانات المعروضة بداخل الصفحات.
وبالتالي قد لا يكون قلق مؤسس فيسبوك من شبكته فقط، بل من مواقع وتطبيقات ثانية، فهو لا يُريد ترك أي مجال للصدفة على اعتبار أن هذا الحاسب هو حاسبه الشخصي! ماذا لو كان مُجرّد حاسب أحد الموظفين في فيسبوك وذهبنا كمُستخدمين إلى تحليلات ونقاشات وفرضيات لا أساس لها من الصحّة؟
بعيدًا عن مارك وحاسبه ومُستوى حماية شبكته الاجتماعية فإن هذه المُمارسة مُفيدة بشكل كبير للحد من التجسس على أجهزتنا المحمولة، لكن هُناك مُمارسات أكثر حماية كإزالة تعريف الكاميرا والمايكروفون من الحاسب بشكل كامل وعدم تمكينهم إلا في حالة الاحتياج لهم.
هذه الأمور تتم عبر أوامر بسيطة في ويندوز، ماك أو لينكس باستخدام موجه الأوامر Command Line أو تيرمنيال Terminal بعد الوصول إلى اسم التعريف داخل النظام.
ولزيادة الحماية بشكل أكبر يُنصح بإزالة التعريفات بشكل كامل والاعتماد على كاميرا ومايكروفون خارجيين، أي يتم وصلهم بالحاسب باستخدام USB، وبالتالي عند الضرورة يتم وصلهم وبعد الانتهاء يتم فصلهم وهُنا لن تتوفر أية فرضيات لوجود تجسس إلا عند إجراء الاتصال فقط وهو أمر آخر.
فرضيات الاختراق والتجسس في الحواسب والأجهزة الذكية كبيرة جدًا، ولا يُمكن ضمان عدم وجودها بشكل قطعي، إلا أن مثل هذه المُمارسات قد تُساهم في الحد بشكل كبير من وصول المُخترق إلى الكاميرا وتشغيلها دون علم المُستخدم، والأخطر من الكاميرا بكل تأكيد هو المايكروفون الذي قد يعمل دون أن يشعر المُستخدم به.
القلق من التجسس عبر هذه الأجهزة يشمل الحواسب والأجهزة الذكية دون نسيان أجهزة التلفاز الذكي والساعات الذكية، وبالتالي يُمكن اعتبار أننا كمُستخدمين دائمًا تحت التهديد. لكن وأيًا كان نوع الأجهزة وأيًا كان مُستوى الحماية المفروض فإن أي جهاز مُتصل بالإنترنت هو خطر بحد ذاته، ولاسيما أن المُساعدات الشخصية الرقمية مثل كورتانا، جوجل ناو Google Now أو سيري هي التهديد الأخطر بكل تأكيد، فهي تستمتع لأوامر المُستخدم بشكل دائم وآلي، أي أن المايكروفون في الأجهزة الذكية دائمًا في وضعية الاستماع لالتقاط العبارة التي تسمح بتفعيله لبدء مهام.